ستمطر .. قالت النشوة

* موسى حوامدة

لكن عباءة شباط غطت وجه الشمس ، احتجب نور الحكمة في سواد الطريق ،
بَرْد الكلمات أرجف أصابع الغيوم ، تطاولت كآبة السنين ،
جلست في مواجهة غسق الحكاية الذابلة.
ستمطر قالت الغبطة ، لكن رذاذ الشوق صلّى صلاة الاستسقاء ،
هطلت ذكرى لم تبتدئ بعد.
دنوت من شفة الأصيل ، أبوح للمدى بغواية الكلمات ، أجرّح بستان الإنتظار.
المدينةُ عادتْ لطقسها الرتيب ، المسافاتُ صارتْ بعيدةً ، أسفي غابةّ تنمو ،
تعلو فيها أشجار الأسى ، ثمارها مرةّ ، وفي صدري حزنّ مثقل بالحضور ،
نائمّ مثلَ جبل ياباني بارد في قصيدة هايكو متجمدة.
صديدّ يذرفُ نشيجه من عيون الصمت الجائم في جدار العزلة ، يسقط غصن
طري من فم عصفور مبلل ، تذوي المواقد ، تجف حبات الكستناء ، تفرغ الكؤوس ،
بينما شموع الليالي تخبو.
يا ابنةَ الحيْرة ، وصانعة الإرتباك والفوضى ، أراك تُعاودين مهماتًك الشرسة في
تفريغ الرعشة من سحر الإنبهار ، وفي صنع تابوت الكلمات ،
من حطب الزمن الجاثم فوق قلاع الدهشة.
المفازاتُ اتسعت
ازداد عناء جلجامش ،
بينما طروادة ظلت مستعصية على العائدين من غبار الاساطير.
حلمت بالكون يشرق بين أصابعك ،
رأيت أفروديت تضيء بالتاج الأنثوي
مددت يدي لألمس وشاحَها الذهبي ،
اختفيت في ضباب التلاشي في بخار العاج.

نسيتك وأنا نائم ، نسيتُكً عند روحي ، هناكَ أقمتُ لكً عرشاً مسيَّجاً بالتذكر ،
مددتُ بساطاً من زهو النعيم ، مطوقاً بجدران المغزى المكتنز في جوهر الفراق.
تذكرتك وأنا نائم ، نمتُ وحيدا مثل زيتونة يتيمة في سفح جبل شرقي ،
ولما أفقتُ وجدت دموع الكمان تتصبب من فؤاد الشجرة.
** منشور بصحيفة "الدستور" الأردنية 14 فبراير 2009

» أطرقت ثم قالت .